Tuesday, October 15, 2019

تعرف على العادات الغريبة لشعوب الغرب في المراحيض

يقول الإعلامي الساخر باسم يوسف في أول عروضه في المملكة المتحدة: "نحرص نحن العرب عند حزم أمتعتنا على أن نضع ثلاثة أشياء في الحقيبة، جواز السفر وبعض المال، ورشاش المياه المحمول أو الشطاف" وأردف قائلا: "أنتم من أكثر البلدان تقدما في العالم، لكن عندما نتحدث عن المؤخرة، أنتم متأخرون".
ويوافقه الرأي الكثيرون، إذ لا يزال شغف سكان الكثير من الدول الغربية باستخدام المناشف الورقية للتنظيف بعد قضاء الحاجة بدلا من الماء، مثار حيرة ودهشة حول العالم.
ومما لا شك فيه أن المياه أكثر فعالية في إزالة الفضلات والأوساخ مقارنة بالورق. فتخيل أن تزيل آثار صلصة الشيكولاتة من على جلدك بالمناديل وحدها.
ورغم أن المناديل أقل خشونة من الخزف الذي كان يستخدمه الإغريق للتنظيف بعد قضاء الحاجة أو أكواز الذرة التي كان يستخدمها المستعمرون الأمريكيون لنفس الغرض، إلا أن المياه أخف وقعا على الجلد من أكثر المناديل الورقية نعومة.
ولا تزال بعض الدول الغربية تفضل استخدام المياه على المناشف الورقية. ومن المعروف أن الفرنسيين هم أول من ابتكر وعاء المرحاض المزود برشاش المياه، رغم أنه يكاد يختفي الآن من المراحيض الفرنسية، لكنه لا يزال منتشرا في معظم المراحيض الإيطالية والأرجنتينية، وحتى في فنلندا يستخدمون خراطيم المياه.
لكن أكثر الدول الغربية، بما فيها المملكة المتحدة والولايات المتحدة، تعتمد على المناشف الورقية في التنظيف بعد قضاء الحاجة. وتقول المؤرخة باربرا بينر في كتابها "المرحاض"، إن هاتين الدولتين هما الأكثر تأثيرا على عادات النظافة الشخصية وتصميمات المراحيض العصرية حول العالم.
لكن بعض الدول رفضت الانصياع لعادات النظافة الشخصية الغربية، وظلت تفضل المياه على المناشف الورقية، كما هو الحال في الدول ذات الأغلبية المسلمة، لأنه ينبغي الاستنجاء بالماء وفقا لتعاليم الدين الإسلامي، وإن كانت رئاسة الشؤون الدينية التركية أصدرت فتوى في عام 2015 تجيز استخدام المناشف الورقية إذا غاب الماء.
وطورت اليابان مراحيض ذكية مزودة بذراع آلي متطور لرش المياه بعد قضاء الحاجة ثم التجفيف بالهواء الساخن.
وأجرى زول عثمان، مدير أحد المشروعات لدى الحكومة الأسترالية، أبحاثا عن الانطباعات الثقافية والتاريخية حيال المراحيض. وخلص أحد أبحاث عثمان إلى أن بعض المسلمين الأستراليين تأقلموا مع المراحيض الغربية باستخدام المناديل الورقية جنبا إلى جنب مع آواني المياه أو تركيب خراطيم المياه "الشطاف" بجوار مقعد المرحاض.
لكن هذا لا يقتصر على ذوي الخلفيات الدينية وحدهم، إذ تقول أثا غارغ، المتخصصة في علوم البيانات من مومباي وتعمل في منطقة خليج سان فرانسيسكو، إنها كانت تبحث في كل مكان عن إناء خاص بالمرحاض، يشبه إناء "الكوز"، ووجدته في النهاية في متجر هندي.
وتقول: "بعض الهنود اعتادوا على استخدام المناشف الورقية، لكن الكثير منا يتمسك بالمياه، حيثما أمكن. وعندما أزور صديقا هنديا في الولايات المتحدة، أتوقع أن يكون لديه قارورة مياه بلاستيكية أو إناء بجوار المرحاض، حتى لا أستخدم المناشف".
ولاحظ عثمان إصرار بعض الغربيين على استخدام أي شكل من أشكال الورق من باب التعنت، إلى حد أن أحد أصدقائه في المملكة المتحدة، استخدم ورقة بنكنوت قيمتها 20 جنيها إسترلينيا لتنظيف نفسه بعد قضاء حاجته، بعد أن نفدت المناديل الورقية.
وعندما انتقل كايسر كو، عازف غيتار ومقدم برامج إذاعية عبر الإنترنت، مع عائلته من بكين إلى الولايات المتحدة، اكتسبوا، كشأن الكثير من الوافدين الجدد إلى الغرب، بعض العادات الأمريكية إلى جانب الصينية.
وتفاجأ كو من كميات المناشف الورقية التي استهلكها أطفاله لمحاكاة أصدقائهم في الولايات المتحدة، التي تعد أكبر مستهلك للمناشف الورقية في العالم.
وتشير غارغ أيضا إلى التكاليف البيئية والمالية لاستخدام المناشف الورقية، وتقول إنها تتسبب في انسداد المراحيض، وتعتقد أنها مصدر مشاكل السباكة المنتشرة في معظم مراحيض الولايات المتحدة.
ويعود انتشار ورق المراحيض إلى الحملات الدعائية المكثفة التي دشنها المصّنعون الأمريكيون في القرن العشرين لحض الناس على استخدام أنواع معينة منها.
وتستخدم عائلة كو الآن المناديل المبللة، وهو نوع من الاعتراف الأمريكي بأن المياه أكثر فعالية في التنظيف، كما هو معروف في الدول الأخرى منذ قرون.
في عهد الإمبراطور هان، من عام 206 ق.م إلى 220 ميلاديا، كان يستخدم نوعان من المراحيض، إحدهما على هيئة مقاعد والآخر عبارة عن حفر في الأرض، وإن كانت الأخيرة التي يجلس عليها المرء في وضع القرفصاء هي الأكثر انتشارا في المراحيض العامة في الصين الآن.
وتشير التقديرات إلى أن ثلث سكان العالم يجلسون القرفصاء عند التبرز، ورغم ذلك لا يزال الكثير من الغربيين يتمسكون باستخدام الكرسي الخزفي بدلا من المراحيض الأكثر ملائمة وسلاسة التي تسمى "مراحيض القرفصاء".
وعلى عكس المراحيض الغربية، فإن التلامس بين الجلد والمرحاض محدود للغاية في مراحيض القرفصاء. وذكرت الغالبية العظمى من النساء البريطانيات في أحد استطلاعات الرأي أنهن يجلسن القرفصاء فوق مقعد المرحاض الغربي حتى لا يلامس المقعد جلدهن.
وينصح الأطباء بجلوس القرفصاء عند التبرز، لأن زاوية الشرج تتسع وتسمح بمرور البراز بسلاسة، كما تسرع جلسة القرفصاء حركة الأمعاء وتقلل الضغط عليها، علاوة على أنها تسهم في تقوية عضلات الأرداف والكاحل والمفاصل وزيادة مرونتها.
وحوّل الأمريكيون وقت قضاء الحاجة إلى وقت للراحة، وانتشرت كتب عديدة للقراءة أثناء قضاء الحاجة، تتضمن نكات وقصص قصيرة، وهذا يثير دهشة كو، الذي يقول إن جميع الآباء الصينيين ينصحون أبناءهم بعدم القراءة في المرحاض لئلا يصابوا بالبواسير.
وتضع عائلة كو مسندا للقدمين أمام مقعد المرحاض كحل بديل لمحاكاة جلسة القرفصاء أثناء قضاء الحاجة والتكيف مع المراحيض الغربية.
وتخيرّ بعض المناطق الناس بين استخدام المراحيض الغربية التي تشبه الكرسي أو مراحيض القرفصاء. ويقول عثمان إن ثلث المراحيض العامة تقريبا في مناطق التسوق في مسقط رأسه ماليزيا، مراحيض قرفصاء.

عادات الاستحمام الغريبة

تختلف عادات الاستحمام أيضا من بلد لآخر. وتقول إليزابيث شوف، عالمة اجتماع بجامعة لانكاستر وتجري أبحاثا عن المياه واستهلاك الطاقة، إن الاستحمام اليومي أصبح أمرا مفروغا منه في المجتمعات الغربية.
وقد يعزى ذلك إلى انتشار الحملات الإعلانية عالميا لمنتجات التنظيف في أعقاب الحروب العالمية، مثل صابون الفينول في زيمبابوي وصابون العاج في الولايات المتحدة. وهذا الدعاية التي أطلقها مصنعو الصابون ارتبطت بزيادة الإقبال على الاستحمام المتكرر.
وتشير شوف إلى أن معظم البريطانيين منذ جيلين فقط، كانوا يستحمون مرة واحدة أسبوعيا، في حين أن الاغتسال اليومي أصبح معتادا في الغرب في الوقت الراهن.